زيادة الوزن والنوم
وصلتني أسئلة كثيرة تستفسر عن علاقة النوم بزيادة الـوزن، وهـل نقـص الـنوم يـؤدي إلـى زيـادة الـوزن.
وقد أظهرت أكثر من دراسة سابقة أن نقص النوم قد يكون أحد الأسباب المؤدية إلى السمنة، وكما نعلم أن الكثير من الأشخاص لا يحصلون على ساعات نوم كافية بسبب ضغوط الحياة والمدنية الحديثة. وقد أظهرت أكثر من دراسة محلية كذلك أن معدل السمنة في بلادنا في ازدياد مطّرد خلال السنوات الأخيرة بسبب الكثير من التغيرات التي طرأت على عادات المجتمع كتغير عادات الأكل وقلة الجهد الجسدي المبذول، ولكن هل يمكن أن يكون نقص النوم أحد هذه التغيرات كذلك؟ ومن المعلوم أن السمنة أحد أهم مسببات المشكلات الصحية المختلفة؛ لذلك يعتبر متابعة أسبابها ومحاولة الحد من شيوعها من أهم أولويات الجهات الصحية المختلفة. ويبدو من الدراسات القليلة التي أجريت في مجتمعنا أن هناك نقصًا في عدد ساعات النوم لدى الكثير من الأشخاص بسبب عادة السهر التي أصبحت شائعة في المجتمع. ويبدو أن نقص النوم له تأثيرات سلبية في الصحة بصفة عامة. فقد نشر بحث في الشهر الماضي لمجموعة من الباحثين من جامعة لندن على عينة تكونت من أكثر من 17000 طالب جامعي تراوحت أعمارهم بين 17 و 30 سنة في 24 دولة أن 63 في المئة ناموا من 7 إلى 8 ساعات في اليوم، و21 في المئة ناموا أقل من 6 ساعات، وأن 16 في المئة ناموا أكثر من 8 ساعات. وكانت المشكلات الصحية بصفة عامة أكثر عند الذين ناموا أقل من 6 ساعات. لذلك يبدو أن هناك ارتباطًا بين مدة النوم والصحة بصفة عامة، ومن هذه الأمور الصحية ارتباط قصر مدة النوم بزيادة الوزن.
وكما أسلفت سابقًا أظهرت العديد من الدراسات وجود ارتباط وعلاقة بين السمنة وقلة عدد ساعات النوم. وأظهرت دراسة أجريت على نحو 100 شخص في الولايات المتحدة ونشرت نتائجها في مجلة حوليات الطب الباطني وجود ارتباط بين نقص النوم وزيادة الوزن. وحديثًا كذلك أظهرت الدراسات وجود علاقة بين النوم واثنين من أهم الهرمونات التي تتحكم في الشهية والأكل. وهذان الهرمونان هما ليبتين (Leptin)وقريلين (Ghrelin). فزيادة الهرمون الأول يؤدي إلى نقص الشهية، وزيادة الهرمون الثاني يؤدي إلى الجوع أو زيادة الشهية والأكل. ونقص النوم يؤدي إلى نقص هرمون الليبتين الذي يسبب الشبع وزيادة هرمون القريلين الذي يسبب الجوع. أي أن نقص النوم قد يؤدي فسيولوجيا إلى زيادة الوزن بسبب زيادة الشهية. وأظهرت نتائج بحث ميداني على طلاب الثانوية في إحدى الولايات الأمريكية ونشر في مجلة النوم والتنفس هذا الشهر، أن 90 في المئة من طلاب الثانوي ينامون أقل من ثماني ساعات في اليوم و19 في المئة ينامون أقل من 6 ساعات يوميًا. كما ظهر من المسح أن 20 في المئة من طلاب الثانوي يعانون من زيادة الوزن حسب المعايير العالمية. وخلصت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين الإكثار من شرب القهوة ونقص عدد ساعات النوم من جهة وزيادة الوزن من جهة أخرى. فقد وجد الباحثون أن احتمال السمنة عند الطلاب الذين ينامون أقل من خمس ساعات يوميًا كان 8.5 أضعاف احتمال زيادة الوزن عند الطلاب الذين ناموا أكثر من 8 ساعات. في حين كانت الاحتمالات الأخرى 2.8 ضعف للذين ينامون 5 إلى 7 ساعات و1.3 للذين ينامون 7 إلى8 ساعات. وقد تكون هناك أسباب أخرى تربط نقص النوم بزيادة الوزن منها على سبيل المثال أن الذين يسهرون في العادة يكونون من النوع الخامل وهم الذين يسهرون لمشاهدة التلفزيون أو لأداء عمل مكتبي، وهذا النوع من النشاط يصاحب عادة بالأكل، وعادة الأكل غير الصحي المحتوي على سعرات حرارية عالية، أي أنه يؤدي في النهاية إلى زيادة الوزن.
ما يمكنني قوله في هذا السياق أن هناك علاقة أكيدة بين نقص النوم وزيادة الوزن، وأن هناك عدة نظريات تحاول تفسير هذه العلاقة، والبحث العلمي لا يزال متواصلاً لمعرفة أسباب هذه العلاقة، ولكن حتى يتوصل العلم إلى السبب الرئيس لعلاقة نقص النوم بزيادة الوزن نقول: إذا أردتم أوزانًا مثالية فاحصلوا على نوم مثالي.